قمة "كوب 30".. تمويل للعمل المناخي دون التزام بالابتعاد عن الوقود الأحفوري

قمة "كوب 30".. تمويل للعمل المناخي دون التزام بالابتعاد عن الوقود الأحفوري
كوب 30 في البرازيل

اختتم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 30) أعماله في مدينة بيليم بالبرازيل، بعد مفاوضات ماراثونية شملت أكثر من 194 دولة، مؤكدة التضامن الدولي للعمل المناخي، ومضاعفة التمويل للتكيف مع التغيرات المناخية، دون أن يتضمن القرار النهائي التزامًا واضحًا بالابتعاد عن الوقود الأحفوري (الغاز والنفط والفحم)، وهو الغياب الذي أثار قلقًا واسعًا لدى العديد من الدول والمجتمع المدني.

وأفاد بيان مركز إعلام الأمم المتحدة، اليوم الأحد، أن حزمة القرارات النهائية تضمنت تعبئة تمويل عالمي للعمل المناخي بقيمة 1.3 تريليون دولار سنويًا بحلول عام 2035، إضافة إلى مضاعفة تمويل التكيف مع آثار التغير المناخي ثلاث مرات بحلول عام 2035، مع تأكيد الجانب التشغيلي لصندوق الخسائر والأضرار وتحديث دورات تجديد موارده. 

كما أُطلقت مبادرات جديدة مثل "مسرّع التنفيذ العالمي" و"مهمة بيليم" لتعزيز الطموح الدولي والالتزام بالحد من ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية.

إغفال الوقود الأحفوري

ورغم هذه المكاسب، فإن الإغفال عن تحديد خارطة طريق للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يضع تحديًا أمام تحقيق الأهداف المناخية الدولية، خاصة أن حرق هذه المصادر يُعد أكبر مسهم في الانبعاثات الدفيئة. 

وأشار المفاوضون من أمريكا الجنوبية والاتحاد الأوروبي ومنظمات المجتمع المدني إلى أن هذا الإغفال يمثل خطرًا على التزامات الحد من الاحتباس الحراري.

وأكد رئيس مؤتمر كوب 30، أندريه كوريا دو لاجو، أن الرئاسة البرازيلية ستضع خريطتي طريق علميتين: الأولى للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بشكل منصف وعادل، والثانية لمكافحة إزالة الغابات، على أن يتم عرضهما ومتابعتهما خلال مؤتمر كوب 31 المقرر عقده في تركيا.

تسريع تنفيذ اتفاق باريس

أوضح الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للمناخ سيمون ستيل، أن مؤتمر كوب 30 شهد تعزيز آليات تسريع تنفيذ اتفاق باريس، مع التركيز على انتقال عادل في مجال الطاقة، مضيفًا أن الاستثمار في الطاقة المتجددة تجاوز الآن الاستثمارات في الوقود الأحفوري بمقدار الضعف، ما يعكس تحولًا مهمًا في السياسات والأسواق العالمية.

كما ركز المؤتمر على نزاهة المعلومات المناخية، في خطوة بارزة لمكافحة التضليل واستعادة الثقة في جهود مواجهة تغير المناخ. وقد أصدرت الأمم المتحدة إعلان سلامة المعلومات المناخية الذي التزمت به 18 دولة حتى الآن، لتأمين المعلومات العلمية وتقليل التأثيرات السلبية للروايات الكاذبة في السياسات العامة.

وشدد القرار النهائي على ضرورة مضاعفة تمويل التكيف مع تغيرات المناخ ثلاث مرات بحلول 2035، مع حث الدول المتقدمة على زيادة دعم الدول النامية، وتعبئة ما لا يقل عن 1.3 تريليون دولار سنويًا من مصادر عامة وخاصة. 

كما أُطلق برنامج عمل جديد لمدة عامين لمتابعة الالتزامات المتعلقة بتمويل اتفاق باريس، لضمان تمكين الدول ذات الموارد المحدودة من تنفيذ إجراءات التكيف وتخفيف الأضرار المناخية.

فوائد العمل المناخي

على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، أكد القرار الفوائد الاقتصادية للعمل المناخي، ومنها خلق فرص عمل جديدة، وتحسين الوصول إلى الطاقة النظيفة، وتعزيز الأمن الصحي والبيئي، وتحقيق التنمية المستدامة في المجتمعات المحلية، خاصة تلك الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي.

وتضمنت خطة عمل بيليم أيضًا مبادرات صحية عالمية بمبلغ 300 مليون دولار لمواجهة التهديدات الصحية الناتجة عن تغير المناخ، بالإضافة إلى التزام شركات المرافق العامة بتخصيص 66 مليار دولار سنويًا للطاقة المتجددة و82 مليارًا للنقل والتخزين، في حين أظهر تحالف يضم 25 ألف مبنى قدرة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 850 ألف طن في عام 2024.

ويُعد هذا المؤتمر تاريخيًا أول اجتماع للمناخ يعقد في منطقة الأمازون، وهو يعكس الحاجة الملحة لإجراءات عاجلة لحماية البيئة والحياة الإنسانية، خصوصًا مع تحذيرات العلماء من أن استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري قد يؤدي إلى تجاوز درجات حرارة عالمية مرتفعة تصل إلى 2.5 درجة مئوية منتصف القرن، مع ما يترتب على ذلك من آثار كارثية في الشعاب المرجانية، والغابات المطيرة، والغطاء الجليدي.

ختامًا، يظهر مؤتمر كوب 30 قدرة المجتمع الدولي على الحفاظ على مسار العمل المناخي رغم الانقسامات الجيوسياسية، لكنه يسلط الضوء على الحاجة الملحة لإدماج الالتزام بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ضمن الاتفاقيات القادمة لضمان حماية البيئة وحقوق الأجيال المستقبلية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية